التواضع والشجاعة وجهان لعملة الانسانية

• 68
• سبتمبر 27, 2023

علي الشمري

‫تشهد أوقاتنا المتفائلة إلى حد ما نقاشًا في كل مكان حول التحديات المجتمعية والسياسية التي تتجاوز في بعض الاحيان الحدود الوطنية ، وان التحديات المتسارعة تشير إلى تساؤلات عميقة حول فن الحكم وإدارة التغيير السياسي على المستويين الفردي والاجتماعي ، ويعكس النقاش عدم الثقة ببعض النخب السياسية والانزلاق صوب مدى وطنية القادة والزعماء وتلمسهم الواقع الانساني لعامة الناس والسعي الى معايشة اوضاعهم افراحهم واحزانهم بعيدا عن عقدة الملوكية والنخبوية ، سماحة الشيخ قيس الخزعلي وفي التفاتة انسانية رائعة تجسدت تفاصيلها في بساطتها حيث استجاب لطلب وامنية مواطن من المكون التركماني يسكن قضاء طوز خورماتو بعقد قرآنه وبحضور عائلته دون اي تكلف او استعلاء ، الامر يبدو عاديا في ظل تهافت القوى السياسية على استمالة رضا المواطن لضمان صوته الانتخابي ، لكن التعامل بهذه البساطة دون البحث عن مكاسب سياسية دنيوية وبعيدا عن الاعلام والجمهرة تعكس ‬صورة متجددة عن الشيخ الخزعلي المجاهد والإنسان .
من وسط الحشود المظلومة، تصدر الشروگي الخزعلي لحمل السلاح لرفع الظلم عن كاهل الامة والدفاع عن حقوقها في وقت كان صوت الرصاص عاليا وكانت الحاجة له ملحة ، ثم التوجه صوب العمل السياسي لتغيير واقع الشعب وتحقيق العدالة الاجتماعية امرًا ليس عبثيًا وانما له منطلقات وطنية وشرعية وانسانية .
بعد سنوات طويلة من تعمد الاعلام الاصفر والاسود نقل الصورة الناقصة المشوهة بغية صياغة كذبة كاملة، وكثيراً ما بنيت استنتاجات ومسلمات على قصص محرفة، وأخشى أن كثيراً من أبطال التاريخ وشخصياته ليسوا سوى كذبة منمقة، صاغها اعلامي “حكواتي” لا يعير أهمية لأمانة النقل وقداسة المعلومة، لكن ان تشهد الواقع وتنقله بانصاف أمر مهم لا بل من اهم مهمات الصحفي او الكاتب والمؤرخ والخ ، وهذا مادفعني للوقوف على منصة الانصاف ازاء مبادرة الشيخ الخزعلي التي حركت بداخلنا مشاعر انسانية ووطنية باعثة للأمل ، وهنا تكمن اهمية الزعماء في تهيئة ارض صلبة لبعث رسائل قوية الى المجتمع وتقليص فجوة الفوارق الطبقية ونفض غبار عقود من ازمة الثقة بين الشعب والقادة والشروع بمرحلة الغاء نظرية (نحن وهم ) ورفع يافطة كبيرة عنوانها كلنا شركاء في المصير والوطن ، بعد ٢٠ عام من الوعود بالنهضة والإصلاح وتنوع أطروحات ” الزعامات ” وتكرار المحاولات ذات الحسابات الخاطئة والاداء الهزيل والنرجسي لتحقيق احتكار السلطة بعيدا عن مشاركة المواطن حياته والعيش على المسكنات الترقيعية التي تؤدي نحو الاستبداد والخراب .