المستقلين داخل البرلمان اصبحوا سلعا معروضة للبيع في مزادات الاحزاب.

المستقلين داخل البرلمان اصبحوا سلعا معروضة للبيع في مزادات الاحزاب.

  • 94
  • مارس 24, 2022
بقلم.. حليمة الساعدي

شهد البرلمان العراقي تقليعات مختلفة نتيجة لكون هذه التجربة الديمقراطية حديثة العهد عندنا قياسا لبرلمانات دول اخرى  سبقته في هذا الامر بعشرات العقود.
 ورغم ان الفترة مابين اقرار الدستور العراقي والانتخابات الاخير، فترة لابأس بها للنضوج الكافي والفهم الوافي لمعنى الديمقراطية والوصول الى مستوى مرضي من مستويات اداء هذه الممارسة الجماهيرية. الا ان العراق تعثر بعدد لا حصر له من المطبات السياسية نتيجة للتنوع الغير منسجم مع بعضه البعض من الاحزاب والتيارات والحركات المؤثرة على المشهد السياسي  تحركها  التدخلات الخارجية التي اذكت فيه النفس الطائفي والعرقي والقومي والقبلي والاثني فتحولت الديمقراطية عندنا مجرد عبائة يختبئ تحتها صراع الاحزاب المتقاتلة والمتناحرة بعضعا  مع بعض من اجل الحصول على اكبر قدر ممكن من الامتيازات والمقاعد داخل البرلمان. كل حزب بما لديهم فرحون. 
ويبدوا هذا واضحا مع كل دورة انتخابية مما حدى بالبعض ان يعزف على وتر المستقلين؛ بعد ان استقرأ الشارع الذي وصل الى درجة التقيء  لشدة الاشمئزاز من تكرار نفس الوجوه السياسية المتربعة على السلطة ولم تقدم للشعب سوى مزيدا من الفساد والفقر والحروب الاهلية وهدر الايرادات والثروات وتعطيل عجلة الحياة الصناعية والزراعية والتجارية وقتلوا الابداع الفكري والفني والعلمي والادبي وصاروا سببا لأرتفاع نسبة الايتام والارامل وانتشار الجريمة وزادت وتضاعفة بسببهم نسبة العاطلين عن العمل واصبح البلد كيسا لنفايات كثير من الدول الاقليمية والاوربية واغرقوه بالعمالة الاجنبية لمحاصرته ومحاربته في لقمة العيش. ولذا فان دخول المرشحين المستقلين في الانتخابات  استهوت  عدد لابأس به من العراقيين لا بل ان اكثرهم روج لهذا النهج وصار المستقل شخصية محترمة لدى الناخب. 
لكن السؤال هو هل المستقل قادر على التغيير او  ان يحرز اي هدف داخل البرلمان  دونما  ينتمي لكتلة ما او ينضوي تحت جناح حزب من الاحزاب المتسلطة. 
ام انه  لو بقي مستقلا حرا طليقا فسيكون كريشة في مهب الريح فلا رأي له ولا دور ولن يقدر ان يغير من الامر شيء لا في اختيار رئيس الجمهورية ولا البرلمان ولارئيس الوزراء ولا حتى الحقائب الوزارية فاليد الواحدة لاتصفق. 
واذا قرر المستقلون داخل البرلمان ان يشكلو كتلة بهذا العنوان، حينها سيكون لزام عليهم ان يوحدوا  الهدف  والقرار  والمواقف وسيحتاجون الى رئيس كتلة ونظام داخلي. وعندها انتفت صفة المستقل وتحولوا الى كيان مرتبط بكتلته  ويتحدد بها في جميع  المواقف وكذلك الحال بالنسبة لاجراء التصويت من عدمه. 
وهنا تحولوا الى شبه حزب او تيار ولافرق بينهم وبين بقية الاحزاب والتيارات داخل البرلمان. وفي اغلب الاحيان وخلال الدورات البرلمانية  السابقة تعودنا على ان اغلب المستقلين يميلون الى الارتباط بحزب معين او كتله ما تتناغم مع توجههم الفكري او انتمائهم القبلي او المذهبي او القومي.
ان المستقلين في البرلمان العراقي اليوم  اصبحوا عبارة عن مجموعة مساومين مستعدون للانظمام الى الكتلة التي تمنحهم امتيازات اكبر وعندها فأن  دور المستقلين غير مؤثر و لم يغيروا في العملية السياسية شيئ، سوى كونهم اصبحوا سوقا داخل البرلمان  تتوافد عليه الاحزاب لاحزاب يشترون بهم ويبيعون. 
اما عن تأثيرهم على الشارع العراقي وواقعه المرير فليس لهم اي تأثير ولم يضيفوا سوى مزيدا من التعقيد على المشهد الجيوسياسي في العراق.

أخبار مشابهة