سلسلة مقالات في مفهوم المقاومة الناعمة..

سلسلة مقالات في مفهوم المقاومة الناعمة..

  • 108
  • نوفمبر 04, 2021
لا يعد مصطلح المقاومة بالجديد او الحديث على المسرح السياسي او الاجتماعي، إذ ان مفهوم المقاومة وجد مع وجود الاعتداء ومع وجود المخاطر التي تهدد الانسان منذ وجوده. لكن ما نريد توضحه في هذا البحث عن الفرع الجديد او المفهوم المستحدث للمقاومة وهو (المقاومة الناعمة) والذي جاء لمواجهة الحرب الناعمة وادواتها (القوة الناعمة) التي تمثل اخر مرحلة من تطور مفهوم القوة في الفكر السياسي والتي صاغها العالم الامريكي واستاذ العلاقات الدولية في جامعة هارفارد (جوزيف. س ناي) الذي قسّم القوة الى قوة ناعمة واخرى صلبة، ويقصد بالأولى (القوة الناعمة) قدرة الحصول على ما تريد عن طريق الجاذبية بدل عن الارغام او دفع الاموال، وبأدوات القوة الاعلامية والمعلوماتية والثقافية والتكنولوجية وغيرها، اي قوة الجذب وتغيير السلوك لدى الطرف الاخر، اما (القوة الصلبة) التي يقصد بها القوة العسكرية والاقتصادية المتمثلة بالعقوبات التي تفرض على الدول والتنظيمات الأخرى. 

وتعد المقاومة الناعمة واشكالها وادواتها التي تتناسب مع مقتضيات التطور العلمي والتكنلوجي هي الاسلوب الانجح لمواجهة الاعتداء الخارجي وخاصة الحروب الناعمة والانحرافات في سلوكيات السلطة والمجتمع، ولها مصاديق كثيرة عبر التاريخ وهذا ما وجدناه في سيرة اهل البيت عليهم السلام وكيفية مواجهتهم للنظام السياسي الاموي والعباسي وكذلك التجارب المعاصرة وخاصة تجربة الحشد الشعبي ودور المرجعيات الدينة الفاعل في المحافظة على تلك التجربة، لذلك ان مواجهة القوة الصلبة أي العسكرية لا تكون الا بالمقاومة العسكرية المسلحة التي اثبتت التجارب نجاحها في كثير من المواطن. وبعد ما وصل اليه العالم من تطور تكنولوجي والثورة المعلوماتية أصبح هناك توجه دولي للابتعاد عن الحروب العسكرية المكلفة بالأرواح والاموال وتوجه نحو التأثير في المقابل وجذبه دون خوض الحروب الخشنة، وخاصة إذا كان الدولة المؤثرة والفاعلة تمتلك ادوات التأثير والجذب وهذا ما ادى الى تسميتها بـ “القوة الناعمة” الموجهة ضد الشعوب والدول لتحقيق ما لم تحققه الحروب العسكرية لكن الهدف يبقى واحداً في جميع الاحوال.

ان حداثة طرح موضوع المقاومة الناعمة على المستوى الاكاديمي وحتى اصبحت تبحث في المؤسسات التعليمية ومراكز الابحاث وتقدم دراسة موضوع المقاومة الناعمة برؤية تحليلية مقارنة لأثر القوة الناعمة في طبيعة التفاعلات الدولية والاسلوب الذي يجب ان لا يخرج عن هذه المعادلة للحفاظ على التوازنات الدولية والتصدي لتلك الحروب الناعمة التي سوف نعمد الى تبيان مفهوم الحرب الناعمة بشكل واضح في متن الدراسة وجذور ذلك المفهوم بأسلوب مفصل، كما ان نجاح القوة الناعمة والمقاومة الناعمة وخاصة تجربة الحشد الشعبي المنبثقة من البناء الناعم لائمة اهل البيت عليهم السلام وعلمائنا الاعلام لابد ان تبرز في الاعلام وتبحث في الدراسات لتعميم التجربة على الحالة الاسلامية.

د. علي جاسم محمد التميمي

أخبار مشابهة