أثر التقنية التكنولوجية على المجتمع

أثر التقنية التكنولوجية على المجتمع

  • 89
  • أكتوبر 30, 2021

من خصائص الانسان أنهُ اجتماعي بطبيعتهُ فمنذ وجوده على وجه الأرض وهو يتحرك بمحركات تحركه، كمحرك القيم اذ يحدد علاقته مع غيره وقد يكتسب الطفل قيمهُ من الاسرة ثم المدرسة ثم المجتمع لكن في الوقت الحاضر وقت التطور التكنولوجي الهائل وأصبحت هناك بدائل لهذه المؤسسات الاجتماعية بل وتراجعت هذه المؤسسات بدرجة كبيرة وحل محلها اجهزة التكنولوجيا في تربية الأبناء وتكوين الاسرة والتنشئة.

مفهوم التكنولوجيا

يرجع مفهوم التكنولوجيا (Technology) إلى ثلاثة معان وهي: –

استثمار المعرفة: تعرف التكنولوجيا بأنها توظيف المعارف العملية لتحقق حاجات الانسان ورغباته وتطوير المجتمع.نتاج استثمار المعرفة: تعرف التكنولوجيا بأنها الأنواع والوسائل المختلفة التي يستخدم لتحقيق اللوازم الضرورية لتيسير حياة الانسان وراحته وضمان بقائه. استخدام نتاج استثمار المعرفة: تُعرف التكنولوجيا بأنها جميع الطرق التي تساعد الافراد في اكتشافاتهم واختراعاتهم لتحقيق حاجاتهم ورغباتهم.

اولاً: الأثر الإيجابي للتكنولوجيا الحديثة على المجتمع

لا ننسى الأثر الإيجابي الذي تلعبه التكنولوجيا الحديثة على المجتمع وتسهيل الحياة اليومية للأفراد اذ يستطيع الفرد انجاز اعمال كثيرة في الوقت وجهد قليلين وبسرعة كبيرة على العكس مما كان قبل وجود التكنولوجيا الحديثة. كما ارتبطت كثير من اعمال الافراد وتحركاتهم وتوجيهاتهم وتعاملاتهم المالية والحكومية وتعليهم وابحاثهم ومتابعاتهم للأخبار والاحداث والكثير من التفاصيل التكنولوجيا التي سهلت عليهم القيام بها بطريقة لم يكونوا ليفعلوها لوم لم تكن التكنولوجيا موجودة لديهم تقريب الشعوب واختصار المسافات بينهم ساعدت التكنولوجيا على جعل العالم يبدو كالقرية الصغيرة فيتعارف الناس دون الحاجة للسفر فيكونوا علاقات من مختلف انحاء العالم، وتطوير ثقافة الافراد وتوسيع مداركهم وابقائهم متابعين لأحداث العالم جميعها دون أي اعذار تحول التعليم كافة كتعلم اللغات وتعلم برامج التصميم وتطوير الاقتصاد والطب وغيرها. لا مجال لحصرها هنا

ثانياً: الأثر السلبي للتكنولوجيا الحديثة على المجتمع

هشاشة العلاقة الاجتماعية بين الاسرة الواحدة أصبحت الاتصال بين افراد الاسرة يقتصر على الجمل القصيرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي فعوض ان يتحاور الشباب المراهق مع امه او ابيه على رغباته لمشكلات الدراسة او العاطفة، فأنه يفضل الان التوجه للانخراط في عالم (السوشيل مديا) الساعات العديدة لبحث عن الحلول لمشاكلة في العالم الافتراضي، وان امتلاك الطفل لوسائل التكنولوجيا بما فيها الشبكة العنكبوتية (الانترنت) التي يقضي الطفل خاصة المراهق ساعات امام جهاز الكمبيوتر وبمرور الزمن يكون هذا المراهق مدمناً عليها مما يعرضه للإدمان على هذه الشبكة وهذا يجعله يترك الحياة الاجتماعية الطبيعية نتيجة قضاء ساعات طويلة امام الشبكة العنكبوتية فسنجد المراهق لا يختلط بالناس ولا يعاشرهم ويصبح منعزلاً متعوداً على الانعزال الاجتماعي. مما يجعلهُ يصنع لنفسه عالم اخر وهو عالم افتراضي، وأصدقاء افتراضيين من كل ارجاء العالم ويسعى إلى إيجاد ضالته في التواصل مع غيره في مواقع التواصل الاجتماعي فيجلس المراهق لأوقات غير محدودة امام برنامج التواصل الاجتماعي ويستفيدون من تكنولوجيا التواصل والمعلومات وهذا يعني العزلة عن المجتمع والخمول الجسماني والضغط والتوتر النفسي. فضلاً عن التأثيرات السلبية عليه نتيجة الدخول إلى المواقع غير البريئة واللاأخلاقية  التأثير على العلاقة بين الزوجين بمجرد وجود جهاز الكومبيوتر في البيت حوله إلى مكان عمل إضافي لان الفرد أصبح من خلال وجود جهاز اللابتوب يمارس اغلب مهامه في البيت مما ينقص من التواصل مع افراد عائلته والتقصير في حق زوجته مما يخلق مشاكل ووجود الانترنت واستعمالها بغير عقلانية خاصتاً عند قضاء أحد الزوجين وقتاً طويلاً امام الانترنت مما يزيد من شك الزوج الاخر وخاصة بظهور افات اجتماعية ومواقع غير أخلاقية على الشبكة وما جريمة خيانة الزوجة والابتزاز الإلكتروني والارهاب  الالكتروني الا واحد من منتجات هذه الثورة المعلوماتية .ضرب القيم المحافظة للمجتمعات عبر شبكات التواصل الاجتماعي وتطبيقات الهواتف الذكي إذ انها مصممة لفتح قنوات الاتصال والتواصل بين النساء والرجال (الاختلاط، والصداقة الالكترونية)، وهو ما يغير من التصور المحافظ للقيم الدينية الاجتماعية وانماط العلاقات بين الجنسين الذكر والانثى، وبالفعل فقد أصبحنا نجد في مجتمعاتنا الدينية المحافظة نساء محجبات ورجال متدينون يتحللون بصورة تدريجية من ضوابط الاختلاط بالمعنى الفقهي التقليد واصطناع الشخصية الافتراضية يتأثر الفرد المراهق والشباب بالأفلام والمسلسلات إلى درجة التقليد لأبطال وهميين وتقليدهم بارتكاب جرائم فقد اكدت الدراسات في علم الاجرام ان اغلب عمليات الاجرام التي يقوم بها فئة من المراهقين هي جراء التقليد لأبطال الأفلام والمسلسلات والألعاب التي يشاهدونها في أحد المسلسلات والأفلام الأجنبية وخاصة المدبلجة منها. وذلك رغبة المراهق باصطناع شخصية افتراضية من خلال مواقع التواصل الاجتماعي غير شخصيته الواقعية، وذلك باسم مستعار وصورة مستعارة من اجل سلوك يقوم به دون التعرف إلى شخصية واعتناق شخصيات ابطال الأفلام والمسلسلات سواء في اللباس او تسريحة الشعر او حتى طريقة الكلام .

ثالثاً: الأســـــــــــــــــرة:

تعد الاسرة البنية الاولى في المجتمع والركن الأساسي الذي تتمحور حول كل عمليات التنشئة الاجتماعية وبناء الوطن الصالح، ولا يمكن هذا ان يكون الا في ظل التفاعل والتجاوز والتواصل داخل الاسرة الواحدة التي أصبحت تواجه اليوم العديد من التحديات في جميع الميادين. ان الربع الأخير من القرن الماضي ادخل الحياة البشرية دائرة الارتباط أكثر فأكثر بوسائل وتكنولوجيا الاتصال والتقنية الحديثة بعد ان اكتسبت أهمية كبيرة في تسهيل حياة الافراد والجماعات والتنظيمات وتطورت بشكل لافت وسائل الإعلامية والاتصالية وتحددت تطبيقاته العملية لتتجاوز مجالات الحياة الشخصية وتوسعت بذلك وسائل التوجيه والاثارة والهيمنة معتمدة على أحدث ما ابتكره العلم غزواً للعقل والنفس معاً إلى درجة أصبح فيها موجوه باستطلاعاتهم ان يتلاعبوا بعقول الافراد ونفسياتهم وبمصير شعوب بأكملها ولأضطر من ذلك ان يتخلخلوا بأفكارهم بين الافراد والاسرة الواحدة فتعدد مزاجهم وايديولوجياتهم متجاوزين بذلك الأطر التقليدية لعوامل التربية والتي لا طالما كانت حاضنتها الاسرة والمدرسة وان تعدت في احياناً أخرى المجتمع وثقافته.

ان مواقع التواصل الاجتماعي تشهد اليوم اقبالاً منقطع النظير من فئات عمرية مختلفة في العالم العربي على وجه الخصوص الامر الذي جعلهم يعيشون في ظل عالم تقني ومجتمع افتراضي سيطر على أكثر اهتماماتهم واستنزف الكثير من اوقاتهم.

رابعاً: الأسرة والتكنولوجيا:

لو قارنا الاسرة القديمة مع الحديثة لوجدنا ان الاسرة القديمة تتميز بنوع من الوفاء والحنان والتواصل الواقعي بين افراد الاسرة واجتماعها؛ اما الاسرة الحديثة التي تميزت بنوع من الجفاء إذ حلت الأجهزة التكنولوجية محل اجتماع افراد الاسرة. اذ أصبح التلفاز والأجهزة الانترنت وهي المسيطرة على جو الاسرة بحيث أصبحت ضده الأجهزة تسرف الكلام من افراد العائلة. بحيث بلغ إلى درجة الهوس في تعليق البعض من الشباب والشبكة العنكبوتية وبرامج التواصل الاجتماعي اذ لا يستطيع ان يستغنى عن جولة ساعة واحدة في اليوم ولا يفارقه في حله1 وترحاله يمكن القول ان الامر تعدى ذلك من خلال ظهور ظاهرة التباهي بالأجهزة التكنولوجية والتفاخر بها إذ يسعى كل فرد إلى اقتناء اخر ابتكارات عالم التكنولوجيا التي تعتبر من أروع وادهش ما اخترعه العقل البشري، والتي عملت على تقريب المتباعدين وابعاد المتقاربين عن بعضهم البعض.

أصبحت هذه التكنولوجيا لا تهدد التواصل في الاسرة فحسب، وانما تهدد العلاقات الاجتماعية ايضاً حيث يتم استعمال الأجهزة لأغراض الإساءة من طرف بعض الافراد يهدف التهديد والابتزاز او انتقاماً او استهتاراً مما يعرض أصحابها للمسائلة القانونية . الانترنت حيث بينت الدراسات النفسية ان الافراد الأكثر تعرضاً للإدمان على الانترنت هم هؤلاء الافراد الذين يعانون من العزلة الاجتماعية والفشل في إقامة علاقات اجتماعية طبيعية مع الاخرين والذين يعانون من مخاوف غامضة او قلة احترام الذات الذين يخافون من ان يكونوا عرضة للاستهزاء او السخرية من قبل الاخرين هؤلاء هم اكثر الناس تعرضاً للإصابة بهذا المرض، وذلك لان العالم الالكتروني قدم لهم مجالاً واسعاً لتفريغ مخاوفهم وقلقهم وإقامة علاقات غامضة مع الاخرين تخلق لهم نوعاً من الالفة المزيفة فيصبح هذا العالم الجديد الملاذ الامن لهم من خشونة وقسوة العالم الحقيقي. كما يعتقدون اهم الاثار السلبية المترتبة عن استعمال شبكات التواصل الاجتماعي على الانترنيت لعزلة الاجتماعية كبديل عن التواصل الاسري مما يسبب الوحدة وفقدان مهارات التواصل. انطوائية الحاسوب التي اصبح كوسيلة تفريغ الهموم والهروب من الواقع. الفراغ العاطفي من خلال دخول غرف الدردشة والتي يؤدي إلى السقوط في مزالق خطيرة انهيار العلاقات الاجتماعية داخل الاسرة والمجتمع والفتور نتيجة قلة التواصل. العيش بين الواقع والخيال من خلال عدم التمييز بين العلاقات الاجتماعية عبر المحادثات الالكترونية وبين العالم الواقعي ووجباته. مشكلات أخلاقية منة خلال التعرض ومصادفة الالفاظ البذيئة والدخول في مواقع دردشة منحلة اخلاقياً.فقد ان الأمان والصعوبة نتيجة للافتراضات وكشف الاسرار والحصول على بعض خصوصيات الافراد مما يؤدي بهم للخضوع إلى عمليات ابتزاز ومساومة لاسيما العنصر النسوي في المجتمعات الإسلامية والعربية والمحافظة. التلوث الثقافي وانهيار النظام الاجتماعي مما يؤدي إلى تفسخ وانهيار في منظومة قيم الافراد وبالتالي تفقد الاسرة خصوصيتها.

أخبار مشابهة